يسوع المسيح وهَيكَل أُورَشَليم

لويس

الأب لويس حزبون - فيما يسرد الأناجيل الإزائية (متى ومرقس ولوقا) موضوع يسوع والهيكل بالقرب من نهاية حياة يسوع، أيّ بعد دخوله المنتصر إلى أورشليم، يسرد يوحنا موضوع يسوع والهيكل مباشرة بعد مقدّمة أنجيله المقدمة (1: 1-18)، واختيار تلاميذه الأوائل (يوحنا 35-51) وبعد حضور تلاميذه أوّل معجزة في عرس قانا الجليل مُبيّتا جوهر رسالة يسوع وهو تطهير الهيكل من النجاسة ومن كل ما هو لا ينتمي لله.

 

يقدم لنا إنْجيل يوحنا السَّيد المسيح هَيكَلا جديدًا وعِبَادة جديدة تنبا عنه زكريا "هُوَذا الرَّجُلُ الَّذي آسمُه ((النَّبْت)). إِنَّه يَنبُتُ حَيثُ هو، وَيبْني هَيكَل الرَّبّ" (زكريا 12:6)، وهذا الهَيكَل الجديد هو جسده أي الكنيسة وهذ الأمر يُشجِّعنا أن نبحث عن الله في هَيكَل كنيستنا بغَيْرَةِ المسيح على بَيتِ الله: كما بحثت مريم ويوسف عن يسوع ووجداه في الهَيكَل، كذلك لنبحث نحن أيضًا مُتَلَهِّفَيْن عن الرَّبّ يسوع في هَيكَل الله، لنبحث عنه في الكنيسة، لنبحث عنه لدى العلماء الموجودين في الهَيكَل والذين لا يبرحونه. إذا بحثنا سنجده كما وجده مريم ويوسف "جالِسًا بَينَ المُعَلِّمين، يَستَمِعُ إِلَيهم ويسأَلُهم "(لوقا 2: 46). والآن أيضًا، الرَّبّ يسوع موجود هنا؛ هو يسألنا ويسمعنا نتكلّم.

 

ولنحاول أن نبحث عن الرَّبّ أيضًا في هَيكَل اجتماعاتنا. "حين يجتمع اثنان أو ثلاثة باسمك (متى18: 20) فهم يشكّلون كنيسة. احفظْ، يا ربّ، آلاف المجتمعين هنا وهناك في كنيستك: فقد حضّرت قلوبهم لك هَيكَلًا قبل أن تشيّد أيدينا هذا الهَيكَل لمجد اسمك. ليكنْ الهَيكَل الدَّاخليّ جميلًا بقدر الهَيكَل المصنوع من الحجارة. تنازلْ واسكنْ في أحدهما كما في الآخر؛ قلوبنا حُفِر اسمك عليها. إنّك تسكن في وسطنا وأنت تجذبنا برباط المحبّة (هوشع 11: 4)؛ هوذا هَيكَلك، هوذا عرشك... نعم، في القلب نلقى الرَّحمة؛ في القلب يسكن الرَّبّ يسوع المسيح، وفي القلب يهمس كلمات السَّلام لشعبه، ولقدّيسيه ولجميع أولئك الذين يدخلون إلى قلوبهم. ولنحذر أن نحضر إلى الكنيسة بسلوكٍ خاطئة حيث نستخدمها للاتصالات الشَّخصيَّة أو للعمل، بل علينا أن نحضر إليها لنلتقي بالله كي نعبده ونشكره ونستغفره ونطلب نعمه.

 

أخيرًا كما طرد يسوع الباعة من الهَيكَل، غيرة لبيت الله، كذلك يتوجب علينا نحن أيضًا أن نطهرَ أجسادنا هياكل الرُّوح القدس، كما جاء في تعليم بولس الرَّسول (1 قورنتس 6: 19). فنحن هَيكَل الله وينبغي أن نرفع كل فكر رديء أو شهوة رديئة أو نظرة رديئة، داخل الكنيسة أو خارجها. ولنقِّي ذواتنا من ضجيج هذا العالم: ضجيج الإعلانات وضجيج الأغاني والصَّخب والبرامج التَّلفزيونيَّة الفاسدة، وضجيج المخدرات والأعمال الفاسدة. لأننا في وسط هذا الضَّجيج لا نعد نسمع صوت الله، بل نسمع صوت الباعة الّذين يحاولون إغراءنا بشتّى الوسائل، ويروّجون الاستهلاك والطمع والشَّراهة والإباحيَّة. وهكذا نستطيع أن نقف في حضرة القدّوس مستعدّين لسماع صوته والعمل بإرادة الله القدوسة وكلنا غَيرَة على بيت الله وبيت هَيكَل قلبنا.

 

دعاء

أيها الآب السَّماوي، نطلب إليك باسم يسوع ابنك، أن تُطهّر أجسادنا من الخطيئة كي تُصبح "هَيكَل الرُّوحِ القُدُس" (1 قورنتس 6، 19)، وأن تطرد منها الرَّغبات والشَّهوات والانفعالات كي لا تصبح مثل سوق لتجارة الخطيئة والفساد، وأن تقلب طاولات قلوبنا الماديَّة قبل أن تقلبنا هي وتضيع أبديتنا، وان تضع غيرة لبيت الله فينا وفي كنائسنا لنعيش حياتنا، لا في البحث عن مصالحنا الشَّخصيَّة، بل في محبّة سخيّة ومتضامنة لك، أنت السَّاكن في قلوبنا وأرواحنا وأجسادنا،  فنعبدك بالرُّوح والحقّ وندنو من عرش رحمتك ونعمتك بامتنان وفرح لك العزة والمَجد والتَّسبيح . آمين.