الربيع المسيحيّ في حلب... حالة اجتماعيّة شرق أوسطيّة فريدة

حلب

حلب - سهيل لاوند - اسي مينا - حفرت الأزمة السورية أثرها السلبي في جوانب عدّة من حياة مسيحيي حلب، إلا أنّها لم تستطع المسّ بتقاليد أنشطتهم الشبابية السنوية، خصوصًا في فصل الربيع الذي يشهد حالة «غليان اجتماعي» فريدة من نوعها في المنطقة.

 أوضح مسؤول قسم الشباب في منسقية الأخويات الكشفية الكاثوليكية ورئيس كشاف الموارنة في حلب الطبيب رازق قلاوز أنّ الوضع الاقتصادي السيئ حدَّ من إمكانية ترويح مسيحيي حلب عن أنفسهم والخروج إلى المطاعم أو باقي الأماكن الترفيهية، فأصبحوا ينتظرون حلول الربيع لتفريغ ضغوطهم النفسية المتراكمة شتاءً، من خلال النشاطات التي تقيمها الأخويات والحركات الكشفية المسيحية.

وعن ماهيّة تلك النشاطات، شرح قلاوز: «البداية مع عيد الأمّ يوم 21 مارس/آذار حيث ينظّم كشاف مار يوسف للكلدان فطورًا للأمهات. وفي مكان آخر تنظّم قائدات كشاف السان جوزيف لقاء "عصرونية" لهنَّ. ثم يأتي يوم الجمعة العظيمة والتجمّع بكثافة في ساحة المطران جرمانوس فرحات المطلة على ثلاث كنائس كاثوليكية (الروم والأرمن الكاثوليك والموارنة)، إذ يجري فيها تطواف ترافقه الفرقة النحاسية».

وأضاف: «تسبق الجمعة العظيمة رتبة تهيئة للفصح يقيمها كشاف القديسة تيريزيا يوم الأربعاء. كما ينظِّم مع كشاف الموارنة حفلتين منفصلتين في عيد القيامة. أما اثنين الباعوث فيشهد تقاطر المسيحيين بالآلاف إلى دير الأرض المقدسة، وهو الدير الذي أصبح يحتضن جزءًا كبيرًا من نشاطات المسيحيين ومخيماتهم في المدينة».

وتابع قلاوز: «من أهم الأحداث في هذا الوقت من السنة تنظيم كشاف اليسوعية رالي الفكر، والمناظرة التي أطلقها كشاف الصليب المقدس للأرمن الكاثوليك قبل سنوات، بالإضافة إلى دوري السلام لكرة القدم للأخويات، ودوريَّي الكرة الطائرة وكرة اليد من تنظيم كشاف شمبانياه الفرير ومار يوسف للكلدان على التوالي».

وأكَّد قلاوز أنّ المسيحيين لم يستسلموا للأمر الواقع على الرغم من صعوباتهم الحياتية. وقال: «هناك رغبة دائمة في الحياة وفي إحياء الأمل. يقولون إنّ المسيحيين قلَّ عددهم، لكنّ مناسبات مماثلة تُشعرك بأنّهم لم يغادروا، بل كأنّهم يثبّتون وجودهم في المدينة. وما لاحظته أنّ المناسبات العائد ريعها إلى جهات خيرية تلقى إقبالًا أكبر، وهذا يدلّ على رغبة المسيحيين في دعم بعضهم بعضًا».

وختم قلاوز حديثه بالإشارة إلى كثافة الحضور المسيحي في تلك الفعاليات، مع ضمّها فئات عمرية متفاوتة، من المرحلة الابتدائية وصولًا إلى الأهالي الذين تغمرهم سعادة إضافية كونهم يشعرون بالأمان مع انشغال أولادهم بأمور مفيدة، وابتعادهم عن السلوكيات المنحرِفة.