المعقل المسيحي الأخير: المصير المجهول لمسيحيي الطيبة

Gg


 
تريز فؤاد - نبض الحياة - تُعد قرية الطيبة المسيحية في فلسطين مكونًا حيويًا من النسيج الاجتماعي والثقافي للأرض المقدسة، حيث يمتد تاريخها المسيحي لأكثر من ألفي عام. ومع ذلك، تعيش القرية حالة من التوتر والقلق الشديد نتيجة لانعدام الأمان الذي يفرضه المستوطنون الإسرائيليون المتطرفون. في السنوات الأخيرة، تزايدت سلسلة من الاعتداءات الوحشية الممنهجة التي نُفِّذت على يد المستوطنين، مما أسفر عن تأثير كبير على حياة أهالي الطيبة وعلى الوجود المسيحي في البلدة. تجدر الإِشارة إلى أن البلدة تحاصرها أربع مستوطنات: ريمونيم، وعوفرة، وكوكب الصباح، وبؤرة عمونا الاستيطانية التي تم إخلاؤها، حيث لا تزال القوات الإسرائيلية تتواجد فيها، وتمنع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم هناك.
في السنوات الماضية قامت مجموعة من المستوطنين بالاعتداء على دير تابع للبطريركية اللاتينية في القدس، والذي يديره ناسك فرنسي ويقع على أراضي البلدة، حيث حاول المستوطنون السيطرة على الدير والكنيسة المجاورة، إلا أن شباب بلدة الطيبة والقرى المجاورة أظهروا شجاعة وقوة في التصدي لهم، مما أدى إلى فشل محاولتهم في السيطرة على هذه المقدسات المسيحية، تأتي هذه الجريمة تأتي في سياق سلسلة جرائم ممنهجة من اعتداءات المستوطنين على الأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية.
عمليات الحرق المتكررة للمركبات والمحاصيل الزراعية وكتابة شعارات كراهية على الجدران وتخريب الممتلكات أضيفت إلى هموم سكان البلدة، وأدت إلى تأثيرات نفسية واجتماعية سلبية تلامس جميع أوجه حياتهم. لم يكتف المستوطنون بتوجيه اعتداءاتهم نحو المملتكات، بل تجاوزوا ذلك إلى الاعتداء على الأشخاص أثناء ممارسة حياتهم اليومية، مثلاً، في إحدى المرات قام المستوطنون برشق حافلة تقل سيدات ومسني البلدة بالحجارة خلال عودتهم من رحلة دينية إلى مدينة القدس مما خلق حالة من الرعب والقلق.  
تصاعد هذه الانتهاكات يُسلّط الضوء على التحديات الخطيرة التي يواجهها الوجود المسيحي في فلسطين، حيث تتسارع وتيرة الانتهاكات وتتعاظم وحشيتها، مما ينعكس على حياة السكان اليومية ويُلقي بظلال قاتمة على مستقبلهم المجهول. إن ممارسات الاحتلال والمستوطنين تشكل تهديدًا حقيقيًا على الوجود المسيحي، حيث يضطر العديد من المسيحيين إلى اتخاذ قرارات صعبة بشأن مستقبلهم، سعيًا للبحث عن بيئة أكثر استقرارًا وأمانًا لهم ولأسرهم خارج فلسطين. ويعزى التآكل في أعداد المسيحيين في فلسطين إلى استمرار  ممارسات الاحتلال القمعية، مما ينذر بفقدان جزء هام من طابع التنوع الديني والثقافي الغني في المنطقة، ويسهم في الاقتلاع التدريجي للمسيحيين الفلسطينيين.
لا يمكن تجاهل خطورة ما تقوم به حكومة الاحتلال والمستوطنون من انتهاكات ممنهجة، إذ تشير هذه التحديات إلى ضرورة التدخل الفوري على الساحة الدولية. وعليه، يجب تكثيف الضغوط لتعزيز الحماية الدولية للمجتمع المسيحي في فلسطين واتخاذ إجراءات صارمة للحد من تصعيد العنف ومحاسبة المرتكبين عن جرائمهم.